منتدى هدى المسلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منزلة الصلاة في الإسلام

اذهب الى الأسفل

منزلة الصلاة في الإسلام Empty منزلة الصلاة في الإسلام

مُساهمة من طرف المشرف العام الأحد مارس 23, 2008 5:08 pm

منزلة الصلاة في الإسلام
المفهوم، والحكم، والمنزلة، والخصائص وحكم الترك والفضائل
في ضوء الكتاب والسنة

تأليف الفقير إلى الله تعالى
د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في: "منزلة الصلاة في الإسلام"، بيّنت فيها بإيجاز مفهوم الصلاة، وحكمها، ومنزلتها، وخصائصها، وحكم تاركها، وفضلها، بالأدلة من الكتاب والسنة.
وقد استفدت كثيرًا من تقريرات وترجيحات سماحة شيخنا الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رفع الله درجاته في الفردوس الأعلى.
والله أسأل أن يجعل هذا العمل القليل مباركًا، وخالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه سبحانه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله، وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
المؤلف
حرر في ضحى يوم الجمعة الموافق 18/8/1420هـ

المبحث الأول: مفهوم الصلاة:
الصلاة لغة: الدعاء، قال الله تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة، 103]. أي ادع لهم، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائمًا فليصلِّ وإن كان مفطرًا فليطعم"(1). أي فليدع بالبركة والخير والمغفرة(2).
والصلاة من الله حسن الثناء، ومن الملائكة الدعاء، قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. قال أبو العالية: "صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء"(3). وقال ابن عباس – رضي الله عنهما -: "يصلون: يُبَرِّكون"(4).
وقيل: إن صلاة الله الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار.
والصواب القول الأول(5). قال الله تعالى: {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 157]. أي عليهم ثناء من الله ورحمة(6)، فعطف الرحمة على الصلوات والعطف يقتضي المغايرة(7).
فالصلاة من الله الثناء، ومن المخلوقين: الملائكة، والإنس، والجن: القيام، والركوع، والسجود، والدعاء، والتسبيح، والصلاة من الطير والهوام: التسبيح(Cool.
والصلاة في الشرع: عبادة لله ذات أقوال وأفعال معلومة مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، وسميت صلاة لاشتمالها على الدعاء(9).
فالصلاة كانت اسمًا لكل دعاء فصارت اسمًا لدعاء مخصوص، أو كانت اسمًا لدعاء فنقلت إلى الصلاة الشرعية لما بينها وبين الدعاء من المناسبة، والأمر في ذلك متقارب، فإذا أطلق اسم الصلاة في الشرع لم يفهم منه إلا الصلاة المشروعة(10). فالصلاة كلها دعاء:
دعاء مسألة: وهو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر، وطلب الحاجات من الله وحده بلسان المقال.
ودعاء عبادة: وهو طلب الثواب بالأعمال الصالحة: من القيام، والقعود، والركوع، والسجود، فمن فعل هذه العبادات فقد دعا ربه وطلبه بلسان الحال أن يغفر له، فتبين بذلك أن الصلاة كلها دعاء مسألة ودعاء عبادة؛ لاشتمالها على ذلك كله(11).
المبحث الثاني: حكم الصلاة:
الصلاة واجبة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، على كل مسلم بالغ عاقل، إلا الحائض والنفساء، أما الكتاب فقول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُواْ إِلا لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُواْ الصَّلاةَ وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]. وقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء: 103].
وأما السنَّة؛ فلحديث معاذ – رضي الله عنه – حينما بعثه النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى اليمن وقال له: "وأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة"(12)؛ ولحديث ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً"(13).
وعن عبادة بن الصامت – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيِّع منهن شيئًا استخفافًا بحقّهنّ كان له عند الله عهدًا أن يدخله الجنة.." الحديث(14).
والآيات والأحاديث في فرضية الصلاة كثيرة.
وأما الإجماع، فقد أجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة(15).
ولا تجب على الحائض والنفساء، لقوله – عليه الصلاة والسلام -: "أليست إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم"(16).
المبحث الثالث: منزلة الصلاة في الإسلام:
الصلاة لها منزلة عظيمة في الإسلام، ومما يدل على أهميتها وعظم منزلتها ما يأتي:
1ـ الصلاة عماد الدين الذي لا يقوم إلا به، ففي حديث معاذ – رضي الله عنه – أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "رأس الأمر الإسلام، وعمودُه الصلاة، وذروة سنامه الجهاد"(17). وإذا سقط العمود سقط ما بني عليه.
2ـ أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، فصلاح عمله وفساده بصلاح صلاته وفسادها، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة: الصلاة، فإن صلحت صلح سائرُ عمله وإن فسدت فسد سائرُ عمله". وفي رواية: "أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة ينظر في صلاته، فإن صلحت فقد أفلح، [وفي رواية: وأنجح]، وإن فسدت فقد خاب وخسر"(18).
وعن تميم الداري – رضي الله عنه – مرفوعًا: "أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن كان أتمها كتبت له تامة، وإن لم يكن أتمها قال الله – عز وجل – لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته، ثم الزكاة كذلك، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك"(19).
3ـ آخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهب آخر الدين لم يبق شيء منه، فعن أبي أمامة مرفوعًا: "لتُنقضنّ عُرى الإسلام عُروة عُروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضًا الحكم وآخرهن الصلاة"(20). وفي رواية من طريق آخر: "أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، ورب مصلٍّ لا خير فيه"(21).
4ـ آخر وصية أوصى بها النبي صلّى الله عليه وسلّم أمته، فعن أم سلمة – رضي الله عنها – أنها قالت: "كان من آخر وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم" حتى جعل نبي الله صلّى الله عليه وسلّم يجلجلها في صدره وما يفيض بها لسانه"(22).
5ـ مدح الله القائمين بها ومن أمر بها أهله، فقال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيًّا، وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 54، 55].
6ـ ذم الله المضيعين لها والمتكاسلين عنها، قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصَّلاةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].
وقال – عز وجل -: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 142].
7ـ أعظم أركان الإسلام ودعائمه العظام بعد الشهادتين، فعن عبد الله ابن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت"(23).
8 ـ مما يدل على عظم شأنها أن الله لم يفرضها في الأرض بواسطة جبريل وإنما فرضها بدون واسطة ليلة الإسراء فوق سبع سماوات.
9ـ فرضت خمسين صلاة، وهذا يدل على محبة الله لها، ثم خفف الله – عز وجل – عن عباده ففرضها خمس صلوات في اليوم والليلة، فهي خمسون في الميزان وخمس في العمل، وهذا يدل على عظم مكانتها.
10ـ افتتح الله أعمال المفلحين بالصلاة واختتمها بها، وهذا يؤكد أهميتها، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: 109].
11ـ أمر الله النبي محمدًا صلّى الله عليه وسلّم وأتباعه أن يأمروا بها أهليهم، قال الله – عز وجل -: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132].
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرِّقوا بينهم في المضاجع"(24).
12ـ أُمِرَ النائم والناسي بقضاء الصلاة، وهذا يؤكد أهميتها، فعن أنس ابن مالك – رضي الله عنه – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "من نسي صلاة فليصلِّها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك". وفي رواية لمسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها"(25). وأُلحق بالنائم المُغمى عليه ثلاثة أيام فأقل، وقد روي ذلك عن عمار، وعمران بن حصين وسمرة بن جندب – رضي الله عنهم –(26). أما إن كانت المدة أكثر من ذلك فلا قضاء، لأن المُغمى عليه مدة طويلة أكثر من ثلاثة أيام يشبه المجنون بجامع زوال العقل، والله أعلم(27).
المشرف العام
المشرف العام
المدير العام
المدير العام

ذكر عدد الرسائل : 124
الأوسمة : منزلة الصلاة في الإسلام 1_120011
احترامك لقوانين المنتدى : منزلة الصلاة في الإسلام 31010
تاريخ التسجيل : 09/03/2008

https://hodamuslim.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

منزلة الصلاة في الإسلام Empty رد: منزلة الصلاة في الإسلام

مُساهمة من طرف المشرف العام الأحد مارس 23, 2008 5:10 pm

المبحث الرابع: خصائص الصلاة في الإسلام(28):
الصلاة لها شأن انفردت به على سائر الأعمال الصالحة، منها:
1ـ سمى الله الصلاة إيمانًا بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 143]. يعني صلاتكم إلى بيت المقدس، لأن الصلاة تصدِّقُ عَمَلهُ وقَوْلَهُ.
2ـ خصها بالذكر تمييزًا لها من بين شرائع الإسلام، قال الله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ} [العنكبوت: 45] وتلاوته اتباعه والعمل بما فيه من جميع شرائع الدين، ثم قال: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ} فخصها بالذكر تمييزًا لها، وقوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَآإِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ} [الأنبياء: 73]. خصها بالذكر مع دخولها في جميع الخيرات، وغير ذلك كثير.
3ـ قرنت في القرآن الكريم بكثير من العبادات، ومن ذلك قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43]. وقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]. وقال: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162] وغير ذلك كثير.
4ـ أمر الله نبيه أن يصطبر عليها، فقال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ} [طه: 132] مع أنه صلّى الله عليه وسلّم مأمور بالاصطبار على جميع العبادات لقوله تعالى: {وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} [مريم: 65].
5ـ أوجبها الله على كل حال، ولم يعذر بها مريضًا، ولا خائفًا، ولا مسافرًا، ولا غير ذلك بل وقع التخفيف تارة في شروطها، وتارة في عددها، وتارة في أفعالها، ولم تسقط مع ثبات العقل.
6ـ اشترط الله لها أكمل الأحوال: من الطهارة، والزينة باللباس، واستقبال القبلة مما لم يشترط في غيرها.
7ـ استعمل فيها جميع أعضاء الإنسان: من القلب، واللسان، والجوارح، وليس ذلك لغيرها.
8 ـ نهى أن يشتغل فيها بغيرها، حتى بالخطرة واللفظة، والفكرة.
9ـ هي دين الله الذي يدين به أهل السماوات والأرض وهي مفتاح شرائع الأنبياء، ولم يبعث نبي إلا بالصلاة.
10ـ قُرنت بالتصديق بقوله: {فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى، وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [القيامة: 31، 32]، وخصائص الصلاة كثيرة جدًّا لا تقاس بغيرها(29).
المبحث الخامس: حكم تارك الصلاة:
ترك الصلاة المفروضة كفر، فمن تركها جاحدًا لوجوبها كفر كفرًا أكبر بإجماع أهل العلم، ولو صلَّى(30)، أما من ترك الصلاة بالكلّيّة وهو يعتقد وجوبها ولا يجحدها فإنه يكفر، والصحيح من أقوال أهل العلم أن كفره أكبر يخرج من الإسلام؛ لأدلة كثيرة منها على سبيل الاختصار ما يأتي:
1ـ قال الله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ، خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ} [القلم: 42، 43]. وهذا يدل على أن تارك الصلاة مع الكفار والمنافقين الذين تبقى ظهورهم إذا سجد المسلمون قائمة ولو كانوا من المسلمين لأُذن لهم بالسجود كما أُذن للمسلمين.
2ـ وقال سبحانه وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ، إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ، فِي جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ، عَنِ الْمُجْرِمِينَ، مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ، قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ، وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ، وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: 38-46]. فتارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ، يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ} [القمر: 47، 48].
3ـ وقال الله – عز وجل -: { فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [التوبة: 11]. فعلق أخوَّتهم للمؤمنين بفعل الصلاة.
4ـ عن جابر – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة"(31).
5ـ وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر"(32).
6ـ وعن عبد الله بن شقيق – رضي الله عنه – قال: "كان أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة"(33).
7ـ وقد حكى إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة غير واحد من أهل العلم(34).
8 ـ وذكر الإمام ابن تيمية أن تارك الصلاة يكفر الكفر الأكبر لعشرة وجوه(35).
9ـ وأورد الإمام ابن القيم – رحمه الله – أكثر من اثنين وعشرين دليلاً على كفر تارك الصلاة الكفر الأكبر(36).
والصواب الذي لا شك فيه أن تارك الصلاة مطلقًا كافر لهذه الأدلة الصريحة(37).
10ـ قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وقد دلّ على كفر تارك الصلاة: الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة"(38).
المبحث السادس: فضل الصلاة:
1ـ تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ قال الله تعالى: {اتْلُ مَآأُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45].
2ـ أفضل الأعمال بعد الشهادتين؛ لحديث عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أي العمل أفضل؟ قال: "الصلاة لوقتها" قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: "برّ الوالدين" قال: قلت: ثم أيّ؟ قال: "الجهاد في سبيل الله"(39).
3ـ تغسل الخطايا؛ لحديث جابر – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "مثل الصلوات الخمس كمثل نهرٍ غمرٍ على باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات"(40).
4ـ تكفّر السيئات؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر"(41).
5ـ نور لصاحبها في الدنيا والآخرة؛ لحديث عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه ذكر الصلاة يومًا فقال: "من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأبيّ بن خلف"(42).
وفي حديث أبي مالك الأشعري – رضي الله عنه -: "والصلاة نور"(43)؛ ولحديث بريدة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: "بشر المشَّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"(44).
6ـ يرفع الله بها الدرجات ويحط الخطايا؛ لحديث ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال له: "عليك بكثرة السجود فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجة وحطَّ عنك بها خطيئة"(45).
7ـ من أعظم أسباب دخول الجنة برفقة النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ لحديث ربيعة بن كعب الأسلمي – رضي الله عنه – قال: كنت أبيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: "سَلْ" فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: "أو غير ذلك"؟ قلت: هو ذاك، قال: "فأعني على نفسك بكثرة السجود"(46).
8 ـ المشي إليها تكتب به الحسنات وترفع الدرجات وتحط الخطايا؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من تطهَّر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله؛ ليقضي فريضة من فرائض الله، كانت خَطْوَتاه إحداهما تحطُّ خطيئة والأخرى ترفع درجة"(47).
وفي الحديث الآخر: "إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عز وجل عنه سيئة.."(48).
9ـ تُعدُّ الضيافة في الجنة بها كلما غدا إليها المسلم أو راح، لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نُزُلاً كُلَّما غدا أو راح"(49). والنزل ما يهيأ للضيف عند قدومه.
10ـ يغفر الله بها الذنوب فيما بينها وبين الصلاة التي تليها، لحديث عثمان – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "لا يتوضأ رجل مسلم فيحسن الوضوء، فيصلي صلاة إلا غفر الله له ما بينه وبين الصلاة التي تليها"(50).
11ـ تكفر ما قبلها من الذنوب؛ لحديث عثمان – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: "ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها، وخشوعها، وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب، ما لم يأتِ كبيرة، وذلك الدهر كله"(51).
12ـ تصلي الملائكة على صاحبها ما دام في مُصلاّه، وهو في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعًا وعشرين درجةً. وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد، لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة، فلَمْ يخط خطْوَة إلا رفع له بها درجةً، وحُطَّ عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذِ فيه، ما لم يحدث فيه"(52).
13ـ انتظارها رباط في سبيل الله؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات"؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخُطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط"(53).
14ـ أجر من خرج إليها كأجر الحاج المحرم، لحديث أبي أمامة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى(54) لا ينصبه(55) إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتابٌ في عليين"(56).
15ـ من سُبِق بها وهو من أهلها فله مثل أجر من حضرها؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله – عز وجل – مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئًا"(57).
16ـ إذا تطهر وخرج إليها فهو في صلاة حتى يرجع، ويكتب له ذهابه ورجوعه؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل: هكذا" وشبك بين أصابعه(58)، وعنه – رضي الله عنه – يرفعه: "من حين يخرج أحدكم من منزله إلى مسجدي فرجْلٌ تكتُبُ حسنة ورجلٌ تحطُّ سيئة حتى يرجع"(59).
________________________
أخرجه مسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى الدعوة، 2/1054، برقم 1431.
انظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، باب الصاد مع اللام، 3/50، ولسان العرب لابن منظور، باب اللام، فصل الصاد، 14/464، والتعريفات للجرجاني ص174، وانظر المغني لابن قدامة 3/5. وشرح العمدة لابن تيمية 2/27-31.
البخاري معلقًا مجزومًا به، قبل الحديث رقم 4797.
البخاري معلقًا مجزومًا به، قبل الحديث رقم 4797.
انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ص1076، والشرح الممتع لابن عثيمين 3/228-229
.
المشرف العام
المشرف العام
المدير العام
المدير العام

ذكر عدد الرسائل : 124
الأوسمة : منزلة الصلاة في الإسلام 1_120011
احترامك لقوانين المنتدى : منزلة الصلاة في الإسلام 31010
تاريخ التسجيل : 09/03/2008

https://hodamuslim.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى